«كدت أبكى عندما ترك صلاح ركلة الجزاء لفيرمنيو»، هكذا عصف «أبومكة» بعواطف «يورجن كلوب» المدير الفنى لليفربول الإنجليزى، وطار «روبيرتو فيرمنيو» من الفرحة بهاتريك عانده طويلا، فعلا يؤثرون على أنفسهم، صلاح يتوهج فنيا وإنسانيا وأخلاقيا، صلاح حل عقدة «ساديو مانيه» وأهداه كرة الهدف الذى فرح به كثيرا بعد طول صيام تهديفى، وتخلى بأريحية عن ضربة جزاء لفيرمنيو كانت كفيلة بتنصيبه زعيما على قائمة هدافى الدورى الإنجليزى، صلاح يصنع كل شىء جميل فى كرة القدم.
صلاح يرد برقى إنسانى نادر على المتطاولين، أذكر أن أحد المواقع الخليجية باللغة العربية خرج علينا ذات يوم قريب بعنوان ردىء فى سؤال ممجوج عن نجمنا المحبوب محمد صلاح نصا: «هل انفجرت الفقاعة؟»، تأسيساً على تراجع المردود الهجومى لـ«صلاح» فى الأسابيع الأولى من الدورى الإنجليزى، وكم كان العنوان قاسيا، عنيفا، صلاح رد فى الملعب، أخرس المتطاولين، وبرهن على أن ماكينته التهديفية لم تتعطل، ومنجم أهدافه لم ينضب، ويسبق كل هذا أريحيته وايثاره، وتجنبه الأنانية رغم الأنانية التى طفحت على زميليه فيرمنيو ومانيه فى الدور الأول، وأخرت صلاح كثيرا عن التسجيل واحتلال مكانته اللائقة ككبير الهدافين فى الدورى الإنجليزى.
نموذج ومثال، صلاح عاد مبتسما، تراجعت الكآبة، واختفى الألم، عاد متوهجا، لا أملك الخبرة الكروية للحديث عن موهبة صلاح كروياً، يتحدث عن موهبة صلاح الكبار عالميا وبكل اللغات الحية، راجعوا آراء نجوم الكرة العالميين لتعرفوا حجم موهبة صلاح، ولكنى اليوم أقف مدهوشا باحترام أمام موهبة هذا الشاب المصرى الإنسانية، موهوب اجتماعيا، كيف أعاد «مو» صياغة العلاقة مع جناحى الطائر «فيرمنيو ومانيه»، كيف اجتذبهم مرة ثانية إلى مرحلة الثالوث المرعب، صلاح بات ملك القلوب فى «الأنفيلد»، مضمار ليفربول الأثير، كل مباراة يعنونها بلمسة كروية ولمسات إنسانية، صلاح يرسم لوحة جميلة للاعب خلوق.
صلاح هذا الموسم وإن شاء الله لمواسم أخرى مقبلة يثبت أنه موهبة حقيقية، موهبة فذة، موهبة قلّ أن يجود الزمان بمثلها، موهبة بمواصفات عالمية، الكرة العربية فى تاريخها لم تعرف هذا النوع من المواهب الفريدة إلا نادرا وعلى استحياء، أما موهبة صلاح فلا تقارن إلا بمواهب عالمية.
تاريخ صلاح الكروى قصير ولكنه متخم بالألقاب والبطولات والأهداف، صلاح حقيقة تتحدث عنها كبريات المنتديات الكروية العالمية، علماً بأن صلاح هذا الموسم لم يلعب بعد، صلاح لم يبدع بعد، ما فات من أيام صلاح قليلة إذا ما قورنت بالآتى إبداعاً، قد يكون الغيب حلواً.. إنما الحاضر أحلى.. وهتروق وتحلى.
صلاح إذا ما تحرك على البساط صرخ المعلقون من أعماق الأعماق، صلاح لا يستجلب تعاطفا موهوما متوهما، موهبة صلاح أجمل ما فى اللوحة العربية من جمال كروى واسألوا عصام الشوالى والناس اللى بتفهم،
صلاح لم يتبوأ مكانته على منصة التتويج العالمية كثالث أحسن لاعب فى العالم صدفة، لو كان بالصدف كان كل سنة لاعب عربى يركب المنصة العالية، صلاح لم يختر نفسه ثالث أحسن لاعب فى أوربا، ولا أحرز لقب أحسن لاعب فى الدورى الإنجليزى لسواد عيونه، ولا أحرز لقب هداف الدورى الإنجليزى بضربة جزاء أو جوووول مشكوك فى صحته، اللى يعرف يعد أجوال صلاح يعد وراه وهيتعب من العد، حتى حذاء «بوشكاش» العالمى صار فى حوزته.
إنجاز صلاح لم يأت هكذا صدفة، دون عرق وتعب ودموع، صلاح نموذج ومثال، رقى إنسانى وإبداع كروى، صلاح نجم حقيقى، وهداف موهوب، وإنسان قبل أن يكون فنانا، وكونه مصرياً شرف لو تعلمون عظيم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة